عرفت الساحة الرياضية الجزائرية سنة 2022 العديد من الأحداث البارزة على الصعيدين المحلي والقاري، تصدرها عودة الدبلوماسية الجزائرية إلى الواجهة من جديد بنجاحها الباهر في تنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران، إلى جانب النهضة الرياضية التي شهدتها البلاد خلال العام الحالي، والتي تمثلت في إنشاء ملاعب عالمية جديدة من شأنها أن تكون نقلة نوعية وتساهم بشكل كبير في تطوير الرياضة في الجزائر بشكل عام. ولأن الحديث عن الإنجازات في السنة الحالية، التي ستسدل الستار عنها بعد أسبوع من الآن، سيجّرنا حتما لتسليط الضوء على ألعاب البحر الأبيض المتوسط الأخيرة بوهران، والتي كانت في مستوى التطلعات بل وأبهرت العالم، وأكدت قدرة الجزائر على تنظيم كبرى الأحداث الرياضية العالمية.
نجاح باهر للجزائر في ألعاب البحر الأبيض المتوسط
تعد الطبعة الـ 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها وهران الحدث الأبرز على الساحة الرياضية الجزائرية خلال سنة 2022 والذي حققت فيه النخبة الوطنية أكبر حصيلة في تاريخ الألعاب بحصد مجموع 53 ميدالية منها 20 ذهبية, 17 فضية و16 برونزية. وعليه، ستبقى المشاركة الـ15 للجزائر في الطبعة الـ19 للألعاب المتوسطية “الأحسن على الإطلاق وعالقة في أذهان الرياضيين الجزائريين” سواء منهم الذكور بـ38 ميدالية (13 ذهبية،14 فضية، 11 برونزية) أو الإناث ب15 ميدالية (7 ذهبية، 3 فضية، 5 برونزية). وما ساهم أيضا وبشكل كبير في إنجاح طبعة وهران التي جمعت خيرة رياضيي الحوض المتوسطي، هو التنظيم الذي كان بمثابة تحدي كبير للجزائر ومنحها درجة “مبهر إلى حد بعيد” بشهادة الحاضرين وذلك بفضل الإمكانيات البشرية والمادية الهائلة التي سخرتها الدولة من أجل ضمان نجاح منافسة غابت الجزائر عن تنظيمها منذ عام 1975, تاريخ احتضانها الطبعة السابعة. وعلى المستوى التنظيمي، سمح الموعد للجزائر بترسيخ خبراتها في الميدان، وهي تستعد لتأكيد ذلك في بطولة الأمم الأفريقية للاعبين المحليين لكرة القدم التي ستنظمها في جانفي، حيث سيكون من الضروري عدم إهمال أي تفصيل لأن نجاح الدورة تمكن الجزائر من تدعيم ملفاتها وأحقيتها في استضافة أحداث هامة مستقبلية بما في ذلك كأس إفريقيا للأمم 2025.
4 ملاعب جديدة بمقاييس عالمية
حققت الجزائر نقلة نوعية في المنشآت والمرافق الرياضية خلال العام الحالي، بإنشاء 4 ملاعب جديدة بمقاييس عالمية، بداية بملعب ميلود هدفي بوهران، مرورا إلى ملعبي “نيلسون مانديلا” بالعاصمة وتيزي وزو الجديد، وصولا إلى ملعب الدويرة الذي شهدت فيه الأشغال تقدما كبيرا ليكون جاهزا خلال العام القادم. الأمور تغيرت نحو الأفضل خلال السنتين الماضيتين حيث عرفت وتيرة انجاز الملاعب تسارعا إيجابيا، سمح بتسليم ملعب وهران الجديد الذي يعد تحفة معمارية بكل المقاييس، ابهر المتتبعين والوفود التي شاركت في ألعاب البحر الابيض المتوسط بوهران التي جرت الصيف الماضي. ملعب براقي (نيلسون مانديلا) بالعاصمة هو الآخر، أضحى جاهزا لاستقبال المباريات ويعد من الملاعب التي تتميز بالحداثة بالنظر لما يتوفر عليه من مرافق ذات جودة عالمية، واستعمال كبيرة للتكنولوجيا الحديثة في مختلف أرجاء الملعب جعل منه صرحا مميزا ومفخرة للجزائر امتلاك ملعب من هذه الجودة. نفس الأمر ينطبق على ملعب الدويرة الذي شارفت الأشغال على النهاية حيث سيكون رفقة ملعب نيلسون مانديلا إضافة قوية للبنية التحتية في مجال كرة القدم على مستوى العاصمة بالنظر الى عدد الاندية العاصمية الناشطة في الرابطة الاولى والقسم الثاني حيث سيكون ملعبا براقي والدويرة متنفسا لهم خلال الموسم الحالي والمواسم المقبلة. لم يقتصر الأمر على العاصمة حيث كان لمدينة تيزي وزو نصيبا من مشاريع التنمية في مجال كرة القدم وبناء الملاعب من خلال ملعب تيزي وزو الجديد الذي يعد هو الآخر اضافة مميزة للمشاريع الرياضية حيث يعد هذا الملعب تحفة مميزة وإضافة كبيرة للرياضة الجزائرية.
الجــــــــــزائر تستعد لـ “الشان” وترفع التحدي لتنظيم “الكان”
امتلاك بنية تحتية قوية في مجال الملاعب يجعل الجزائر قادرة على دخول معترك المنافسة على تنظيم أكبر الأحداث الرياضية القارية والعالمية بدون تردد بالنظر الى وفرة الهياكل الرياضية التي تستجيب للمعايير الدولية والقادرة على تغطية العجز الموجود من خلال المراهنة على الملاعب الجديدة. وبالفعل أبدت الجزائر ممثلة في الاتحاد الجزائري لكرة القدم، رغبتها في احتضان نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025، وقدمّت ملفا يعتبر الأقوى من بقية الملفات المقدمة لخلافة غينيا على “الكان”، حيث أدرجت الجزائر 6 ملاعب ضمن القائمة مع وضع ملعبي تيزي وزو و5 جويلية كاحتياطيين، حيث أبدى السلطات العليا في البلاد تفاؤلها بقدرة الجزائر على الفوز بشرف احتضان ثاني كأس للأمم الإفريقية في بلادنا بعد سنة 1990، في انتظار الكشف عن هوية الفائز يوم 10 فيفري المقبل.
الاتحاد الجزائري لكرة القدم .. عمارة ينحسب .. وزفيزف يتولى رئاسة “الفاف”
شهدت سنة 2022 تغييرات جذرية على مستوى الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، من خلال تقديم الرئيس شرف الدين عمارة استقالته من منصبه، بعد الفشل الذريع للمنتخب الوطني الجزائري، في تحقيق الأهداف المسطرة، بعد الإقصاء من التأهل لنهائيات كاس العالم بقطر 2022، واتخذ الرئيس السابق لنادي شباب بلوزداد خطوته الرسمية مباشرة بعد الهزيمة أمام المنتخب الكاميروني في إياب الدور الفاصل المؤهل للمونديال بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة، وهو الأمر الذي كان بمثابة الصدمة للجميع خاصة وأنّ الفوز في لقاء الذهاب جعل الجميع يحلم بتواجد الجزائر في المونديال قبل أن يأتي الإقصاء بمثابة الصفعة التي لم تستفق منها الجماهير الجزائرية إلى غاية المونديال، خاصة في ظل الحديث عن إمكانية إعادة لقاء الكاميرون بسبب أخطاء الحكم الكاميروني غاساما. رحيل الرئيس شرف الدين عمارة، من مبنى دالي براهيم، أشعل الصراع على خلافته من قبل الرئيس السابق محمد روراوة الذي أبدى نيته في العودة إلى الاتحاد الجزائري من جديد، لكنه فاجأ الجميع بالانسحاب قبل أيام قليلة فقط على إجراء الجمعية الانتخابية تاركا الرئيس الحالي جهيد زفزاف في سباق مع عبد الحكيم سرار.
الإخفاق.. عنوان المنتخب الوطني في 2022
يبدو أنّ سنة 2022 كانت من بين الأسوأ في تاريخ المنتخب الوطني على الإطلاق بالنظر إلى الإخفاقات التي سجلها في العام الحالي، حيث كانت البداية بكأس أمم إفريقيا التي جرت على أرض الكاميرون شهر جانفي 2022، حيث فشل أشبال الناخب الوطني جمال بلماضي في الحفاظ على التاج القاري الذي عادوا به من مصر سنة 2019، بل كانت مشاركتهم الأسوأ على الإطلاق عقب خروجهم من الدور الأول بحصيلة هزيلة، بعد تعادله مع سيراليون 0-0، وخسارته أمام غينيا الاستوائية المتواضعة (0-1)، وكوت ديفوار (1-3)، ما جعل “الخضر” يودعّون “الكان” بنقطة وحيدة في إحدى أسوأ مشاركتهم في المنافسة القارية. ولم ينتظر محرز وزملائه سوى شهرين فقط، قبل أن يتلقوا صدمة ثانية، بالفشل في بلوغ نهائيات كأس العالم التي جرت مؤخرا بقطر، وذلك على يد المنتخب الكاميروني، فرغم فوز “محاربي الصحراء” في لقاء الذهاب على الأسود غير المروضة إلا أنّ هزيمتهم في لقاء الإياب بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة، حال دون تحقيق حلم الملايين من الجزائريين.
ميسي يكتب التاريخ في أول مونديال على أرض العرب
اختتمت قبل أيام قليلة نهائيات كأس العالم التي احتضنتها قطر، بتتويج المنتخب الأرجنتيني باللقب الثالث في مشواره، بعد فوزه في المباراة النهائية بتاريخ 18 ديسمبر الجاري، على نظيره الفرنسي (بعد الاحتكام لضربات الترجيح) في نهائي وصفه الجميع بأنّه الأجمل والأفضل على الإطلاق بالنظر إلى السيناريو الذي عاشته الجماهير طيلة 120 دقيقة، حيث كان في مستوى التطلعات بعدما شهد تسجيل 6 أهداف كاملة من الجانبين، ثلاثية للنجم الفرنسي كليان مبابي، ثنائية من ميسي وهدفا سجّله لاعب جوفنتوس دي ماريا، ليحتكم الفريقان إلى ضربات الترجيح التي ابست أخيرا للساحر الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي عانق اللقب لأول مرة في مسيرته الكروية، ما جعل المتتبعين يصنفونه على أنّه الأفضل في التاريخ، بعدما استطاع تحقيق إنجاز الأسطورة دييغو مارادونا.
وجوه رياضيـــــــة تــــــودّعنا في عام مليء بالأحزان
ومثلما كان العام الحالي، عام إنجازات ونجاحات كروية، كان مليئا أيضا بالأحزان، بعدما غادرنا العديد من الوجوه والشخصيات الرياضة، وكان آخرها الرئيس السابق للرابطة المحترفة لكرة القدم، محفوظ قرباج بعد صراع طويل من المرض، وقبله نجم منتخب جبهة التحرير الوطني والمدرب الجزائري عبد الحميد زوبا، الذي رحل وترك خلفه العديد من الإنجازات الكروية على الصعيدين الشخصي والأندية التي دربها، دون أن ننسى لاعب المنتخب الوطني المحلي بلال بن حمودة الذي تعرض لحادث مروري أثناء مشاركته في تربص للمحليين بالعاصمة، كما فقدت الكرة الجزائرية أحد أساطيرها، ويتعلق الأمر بالمدافع الدولي الجزائري لسنوات السبعينات علي مسعود مليك، بعد صراع طويل مع المرض، حيث سبق لمليك حمل ألوان المنتخب الوطني، وكل من أندية اتحاد العاصمة، واتحاد عنابة.
مشاركة هزيلة للأندية الجزائرية قاريا
لم تكن مشاركة الأندية الجزائرية في المنافسات القارية العام الحالي في مستوى التطلعات، بعدما فشلت في العودة إلى منصات التتويج، فرغم بلوغ نادي شبيبة القبائل الدور النهائي من كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، إلا أنّه انهزم في المباراة النهائية، بثنائية مقابل هدف وحيد أمام نادي الرجاء البيضاوي المغربي، ولم يكن حال شباب بلوزداد أفضل بعدما عجز عن تجاوز عقبة الدور ربع النهائي لرابطة الأبطال الإفريقية، إثر تعادله مع الوداد البيضاوي المغربي في مباراة الذهاب وهو الذي انهزم في اللقاء الأول بالجزائر، ليفوت بذلك على نفسه فرصة كبيرة لتحقيق إنجاز غير مسبوق، وكانت شبيبة الساورة، قد أقصيت مبكرا في الموسم الحالي من كأس “الكاف”، وعجزت عن بلوغ دور المجموعات، على أمل تحقيق الأندية الجزائرية المشاركة نتائج إيجابية سواء في مسابقتي كأس “الكاف” (اتحاد العاصمة)، أو رابطة الأبطال الإفريقية (شباب بلوزداد وشبيبة القبائل).
كريمة طالب أول امرأة تتولى رئاسة اتحادية لكرة اليد
شهدت الانتخابات الرئاسية لاتحادية كرة اليد، انتخاب كريمة طالب خلفا للرئيس السابق لاتحاد كرة اليد، حبيب لعبان، الذي تم إيقافه من قبل وزارة الشباب والرياضة بسبب مخالفات قانونية، في سابقة تاريخية، كونها أول امرأة تتولى رئاسة الاتحادية منذ نشأتها، ورغم قرار الاتحادية الدولية بإعادة الانتخابات بحجّة عدم شرعيتها إلا أنّ كريمة طالب فازت مجددا وبفارق مريح عن منافسها، بوزيد عبد المجيد، ما يؤكّد أنّها تحظى بتأييد أعضاء الجمعية العامة، على أمل النهوض بكرة اليد الجزائرية التي عرفت تراجعا رهيبا في السنوات الثلاث الأخيرة.